سورة هود - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


تنقطع الدعاوى عند الرجوع إلى الله، وتنتفي الظنونُ، ويحصل اليأسُ مِنْ غير الله بكل وجه، ويبقى العبدُ بنعتِ الاضطرار، والحقُّ يُجْرِي عليه ما سَبَقَتْ به القسمة من أنواع الأقدار.


أي يسترون ما تنطوي عليه عقائدهم، ويُضْمِرون للرسول- عليه السلام- وللمؤمنين خِلاَفَ ما يُظْهِرون، والحقُّ- سبحانه- مُطَّلِعٌ على قلوبهم، ويعلم خفايا صدورهم، فتلبيسُهم لا يُغْنِي عنهم من الله شيئاً، وكان الله- سبحانه- يُطْلِعُ رسولَه- عليه السلام- على ما أخْفَوْه إمَّا بتعريفِ الوحي، أو بإشهادٍ لِقُوَّةِ نورٍ، وكذلك المؤمنون كانوا مخصوصين بالفراسة، فكل مؤمن له بِقَدْرِ حاله من الله هداية، قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا فراسةَ المؤمن ينظر بنور الله» ولقد قال قائلهم.
أَبِعَيْنِي أَرَاكَ أَمْ بفؤادي *** كلُّ ما في الفؤاد للعين بادِ


قوله جلّ ذكره: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إلاَّ عَلَى اللَّهِ زِزْقُهَا}.
أراح القلوبَ من حيرة التقسيم، والأفكارَ من نَصَبِ التفكير في باب الرزق حيث قال: {إلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} فَسكَنَتْ القلوبُ لمَّا تَحَقَّقَتْ أنَّ الرزقَ على الله.
ويقال إذا كان الرزق على الله فصاحبُ الحانوتِ في غَلَطٍ من حسبانه. ثم إن اللَّهَ سبحانه بيَّنَ أَنَّ الرزقَ الذي عليه ما حالُه فقال: {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: 22]، وما كان في السماءِ لا يوجد في السوق، ولا في التَّطواف في الغرب والشرق.
ويقال الأرزاق مختلفة فَرِزْقُ كل حيوانٍ على ما يليق بصفته.
ويقال للنفوسِ رزقٌ هو غذاءُ طريقُه الخْلقُ، وللقلوب رزق وهو ضياءٌ مُوجِدُهُ الحق.
ويقال لم يقل ما يستهيه أو مقدار ما يكفيه بل هو موكولٌ إلى مشيئته؛ فَمِنْ مُوَسَّعٍ عليه ومِنْ مُقَتَّرِ.
قوله جلّ ذكره: {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.
قيل أراد به أصلابَ الآباءِ وأرحامً الأمهات، أو الدنيا والآخرة. ويقال مُسْتَقرُّ المريد بباب شيخِه كمستقرُّ الصبي بباب والديه، ويقال مستقر العابدين المساجد، ومستقر العارفين المشاهد، فالمساجد مستقر نفوسِ العابدين، والمشاهِدُ مُسْتَقَرُّ قلوب العارفين.
ويقال مستقرُّ المحب رأسُ سِكَّةِ محبوبِه لعلَّه يشهده عند عبوره.
ويقال المساجِدُ للعابدين مستقرُّ القَدَم، والمشاهِدُ للعارفين مستقرُّ الهِمَم، والفقراء مستقرهم سُدَّةُ الكَرَم.
ويقال الكلُّ له مثوىً ومستقر، أما الموحِّد فإنه مأوى له ولا مستقر ولا مثوى ولا منزل.
ويقال النفوس مستودَعُ التوفيق من الله، والقلوبُ مستودعُ التحقيق من قِبَلِ الله.
ويقال القلوبُ مستودعُ المعرفة؛ فالمعرفة وديعة فيها، والأرواح مستودع المحبة فالمحابُ ودائع فيها. والأسرار مستودع المشاهدات فالمشاهدات ودائع فيها.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8